المردة هم من الشعوب السامية الاصلية للمنطقة الممتدة من لبنان الى سوريا والاردن وفلسطين وصولاً فيما بعد الى العراق وايران وعُرفوا منذ 2300 سنة قبل المسيح بشعب مميّز اصيل ومن اثنيات مختلفة في بلاد الشرق، وبسبب الغزوات المتكررة والحروب المتعاقبة تجمعوا اكثر في موطنهم الاصلي وبالتحديد في لبنان وسوريا وانكفأوا الى حدٍّ كبير في بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس. ولانهم السكان الاصليون والاصيلون لهذه الارض حاربوا وقاوموا كل اشكال الاستعمار والغزوات والفتوحات من مختلف الجهات والاتجاهات ما جعل الطامعين بالمنطقة على اختلافهم يجتمعون ضدّهم في بعضِ الاحيان عساهم يتخلصون من هذا الشعب الذي لا يلين ولا يتساهل ولا يساوم.
صفات ثلاث طبعت المردة تاريخياً:
1- سكان جبال وقمم ما اكسبهم مزيداً من صلابة وقوة وتعبد وارتباط بالارض والجذور.
2- المناعة والصمود وقد خبروا وعجنوا المصاعب ولم ينثنوا وقد دعاهم المؤرخ اليوناني تيوفانوس "السدّ النحاسي" اي السدّ الصلب.
3- الحرية والنزعة الاستقلالية وقد سُميّوا بـ "بني الاحرار".
هم مزيج من كنعانيين فأموريين وآراميين ومن اتنيات مختلفة واطلق عليهم اسم مردة تبعاً للاله "مردو" والذي يعني اسمه "مار" اي السيّد و "دو" اي القوة، "سيّد القوة"، وبعد ذلك اتخذ الاسم التفسيرات الاخرى من مارد اي العملاق او التمرد بمعنى الثورة، وقد يلتبس عند البعض توصيف "الجراجمة"، لكن الاسم وبكل بساطة يعود الى المردة الذين سكنوا جبل جرجومة في الجبال المحيطة بحلب ومنها جبل اللكام، فسميوا بالجراجمة تبعاً لمنطقتهم.
وابتداء من القرن السابع للميلاد وبالتحديد مع البطريرك الاول يوحنا مارون اعتنق عدد كبير من المردة المسيحية ديناً وايماناً وسمّوا انفسهم سرياناً , لكنهم بالاساس من طوائف متعددة وجذور مختلفة كما يذكر المؤرخون البطريرك اسطفان الدويهي، فيليب حتّي، جواد بولس، الاب بطرس ضو والاب الدكتور يوسف يميّن. لكن انسجامهم مع بعضهم جعل معظمهم يعتنق ديناً واحداً هو المسيحية.
ولان المردة مزيج من شعوب واتنيات جسّدوا الصيغة التوافقية التي تشبه لبنان واذا اردنا اختصارهم بانهم "مشرقيون لبنانيون عرب" فلأن هذا الاختصار خَطّه التاريخ وكرّسه الحاضر:
• مشرقيون لانهم السكان الاصليون للمنطقة وليسوا طارئين او دخلاء.
• عرب لانهم وان كانوا من اثنيات مختلفة اتخذوا العروبة خياراً وقراراً وهوية منذ 300 سنة قبل الاسلام اي مع قبائل الحيرة والغساسنة. لكن العروبة في مفهومهم انفتاح على كل الحضارات في الشرق وفي الغرب، وهذا الانفتاح تكرس مع المبادئ والاهداف التي حددها البطريرك اسطفان الدويهي في كتابه "تاريخ الازمنة".
• لبنانيون، فقد اتخذ المردة لبنان ارضاً وموطناً وتجذروا فيه منذ مطلع القرن السادس، وسكنوا جبال لبنان مما زادهم صلابة وقوة وايماناً بالارض التي اليها ينتمون وعنها في كل زمان يدافعون، حتى ان بطل لبنان يوسف بك كرم ذكر مرات عدة في رسائله انه "مردة".
وفي 1975 اطلق الرئيس الراحل سليمان فرنجية، متكئاً على تاريخ مضيء وفهم معمّق لهذا التاريخ، المردة من جديد نفساً استقلالياً، توقاً للحرية، ايماناً بالارض والجذور والهوية، فتأكد معه ان المردة هم الاعرق والاقدم والاقدر على الاستمرارية بفعل ايمانهم بارضهم وبالانسان وفق مسلّمات وطنية، خارج موازين الطائفية او المذهبية او المناطقية.
ومنذ 2300 سنة قبل المسيح والى اليوم المردة يرتكزون على المعادلة الزمنية التي تؤكد وجودهم وديمومتهم.
التاريخ والحاضر والمستقبل، التاريخ انطلاق فارتكاز، الحاضر وعي كامل، فيما التخطيط والتصميم للمستقبل.
وهذه المعادلة الزمنية طبعتهم بالثبات الذي بات رمزاً لهم وشعاراً.
موضوع: المرده - نبذة تاريخية 
الأحد أبريل 20, 2008 11:18 am
