سليمان طوني فرنجية سليل بيت سياسي عريق وابن تربة صلبة أنجبت رجالات في السياسة ساهموا وأسهموا في صنع تاريخ هذا الوطن. غير أن سليمان فرنجية حفيد الرئيس الراحل سليمان فرنجية ونجل النائب والوزير الشهيد طوني فرنجية نشأ وهو الذي فقد أهله في عمر 13 سنة نشأة مختلفة عن أولاد البيوت السياسية، فهو تربّى بين الناس ومع الناس ما أكسبه مزايا جعلت منه قريباً من الشعب، قريباً من الأرض لصيقاً من الهمّ المعيوش.
خسارته لأهله أنضجته بصورة مبكرة علماً انه من صغر يقول عارفوه انه يتمتع بصفة القيادة.
ولد سليمان فرنجية يوم 18 تشرين الأول من عام 1965 في مدينة طرابلس حيث كان يسكن أهله شتاءً على غرار عديد من العائلات الزغرتاوية ما جعل العلاقة بين المدينتين متينة وباتت الواحدة تشكل امتداداً للأخرى فكان العيش المشترك والإنصهار الوطني الطبيعي.
وفي طرابلس تلقى علومه الإبتدائية الى حين اندلاع ما سُمّي بـ"حرب السنتين" فتركت العائلة طرابلس مرغمة وفي بال الوالد والجدّ والقيادة في طرابلس ان الحرب شمالاً لن تطول لأن الشمال نموذج بفعل حكمة قياداته وهكذا كان. فأكمل سليمان فرنجية المرحلتين التعليمتين التاليتين في مدرسة فرير زغرتا التي أنشىء لها فرع طارىء في زغرتا ليكمل أبناء القضاء دراستهم بعد مغادرتهم طرابلس.
وبين 1970 و 1975 كان سليمان التلميذ حفيد رئيس الجمهورية، وانتقل في آخر العهد الى بيروت حيث تعلّم في مدرسة الأتينيه جونيه ووجوده في مدرسة بيروتية نجّاه من موت محتّم في مجزرة إهدن التي استشهد فيها والده النائب والوزير الراحل طوني فرنجية ووالدته فيرا واخته ابنة الثلاث سنوات جيهان على يد الكتائب اللبنانية، وفجع الوطن بهذه المأساة فتحولت الأنظار الى سليمان طوني فرنجية وحيد والديه وحامل اسم جدّه الذي رعاه واحتضنه، ولكن سليمان تغلّب على المأساة وصلب عوده باكراً، واستعيض عن إكمال دروسه بحكم استحالة هذا الأمر بفعل عزلِ الشمال عن العاصمة، فوضع له اساتذة تلقى على ايديهم دروساً خصوصية في مختلف المواد فحصّل العلم وتفتح لديه حبّ المعرفة والإكتشاف ترجمها في مرحلة مقبلة في مواهب عدة منها إلمامه بكل التقنيات المختلفة ومواكبتها بدقة لا متناهية، الى جانب إتقانه ثلاث لغات. وسليمان فرنجية تلميذ تبيّن اساتذته منذ الصغر مليكة القيادة لديه ان كان مع رفاق الصف او رفاق الملعب، وكما في المدرسة خارجها شقيّ ومغامر، "صغير يلعب بألعاب كبيرة" قيل فيه يوماً، فهو قاد مختلف الآليات وفككها في حبه للاكتشاف وتسلّق الجبال واختبر وعورتها ما زاده صلابة وقوة.
وفي عمر 18 سنة اي سنة 1983 تزوج من ماريان سركيس وله ولدان طوني 1987 وباسل 1992 وبعد طلاقه تزوج من الإعلامية ريما قرقفي سنة 2003. اما بداية عمله السياسي فتعود الى سنة 1987 حين أسس كتيبة 3.400 وكان له من العمر 22 سنة، واتخذ له قرية بنشعي مقراً لما ترمز له بنشعي تاريخياً، كمقر لبطل لبنان يوسف بك كرم الذي آمن بلبنان وطناً نهائياً لجميع ابنائه، عربي الإنتماء منفتحاً على الغرب، وهنا نذكّر ان اول خطاب "للقائد الشاب" سليمان فرنجية كان لمناسبة مئوية يوسف كرم في مدرسة دولاسال – كفرياشيت زغرتا، وتوجه فيه للطلاب مطلاً من نافذة السياسة التي تحمل نفس المؤسسات – كما كانت بنشعي مقراً لوالده "القائد الشهيد" طوني فرنجية، وكل هذا يؤكد على ان هذا "الخط" هو نهجٌ تاريخي لصانعي السياسة في هذه المنطقة من لبنان. غير ان السياسي الشاب "الطالع" من بين الناس آمن بالعمل المؤسساتي واستلم فعلياً القيادة يوم 20/8/1990 من عمّه روبير الذي حمل الأمانة وحفظها من سنة 1978 الى سنة 1989. وسارع سليمان فرنجية الى وضع تصوّر سياسي من رؤية واضحة متكئاً على ارث كبير، فمتّن العلاقة مع سوريا الجار الأقرب، مكملاً علاقة الرئيسين الراحلين سليمان فرنجية وحافظ الأسد، هذه العلاقة النموذجية السياسية والعائلية، وهكذا استمرت بين سليمان الحفيد والراحل باسل الأسد فالرئيس الدكتور بشار الأسد ولما تزل، والعلاقة مع سوريا التي بدأها الرئيس الراحل سليمان فرنجية علاقة الندّ بالندّ والأخ للأخ من إيمان هذا البيت السياسي بضرورة الإنتماء الى العمق العربي الذي رسمته الجغرافيا فتبنّاه التاريخ. وفي غياب الدولة آنذاك عمل سليمان فرنجية جاهداً لإنماء المنطقة فشيّد مبنى ضخماً في بنشعي يضمّ مكاتب في شتّى المجالات لمتابعة امور أبناء القضاء، وأسس جمعيات انمائية وفكّ بهذا العمل الجماعي والإنمائي والحياتي طوق العائلية في زغرتا، وعمل على إلغاء المسافة النفسية بين زغرتا المدينة والقضاء/ ومنها انفتح شمالاً مؤكداً في غير خطاب له وموقف على اهمية وحدة الشمال كقاعدة اساسية لوحدة لبنان، فأكمل العلاقة مع الرئيس عمر كرامي كما ورثها الإثنان عن الرئيسين الراحلين سليمان فرنجية ورشيد كرامي اللذين بحكمتهما وبُعد نظرهما جنّبا الشمال كوارث الوطن.
-
وفي سنة 1989 قبل بالطائف دستوراً جديداً وكان اول من سلّم سلاح "ميليشيا المردة" للدولة اللبنانية، ودعم ترشيح الرئيس الشهيد رينيه معوض فوصوله الى سدة الرئاسة ما شكل محطة مضيئة في بداية عمله السياسي، وعلامة فارقة في تاريخ العلاقات بين اهل السياسة في المنطقة الواحدة. وقبوله بالطائف ترجمه فيما بعد أيضاً بمشاركته في الحكم ان كان في البرلمان او في تسلّمه اكثر من حقيبة وزارية، وفي كل المواقع تميز بثبات الموقف.
هو المسيحي – اللبناني العربي الداعي للحفاظ على التوازنات في لبنان كضمانة لوحدة هذا الوطن التي يقيه شرّ التغيرات الإقليمية او الديموغرافية، وعزز علاقاته العربية بعلاقة مع الكرسي الرسولي وزار الفاتيكان مرتين مرجعاً للمسيحيين في العالم داعياً مسيحيي الشرق الى الإنصهار.
ومن منطق حسّ فرنجية الإنساني والمسيحي عفا عن قاتلي اهله وأبناء بلدته وأحدث هذا العفو من سياسي شاب "صدمة" ايجابية مسيحياً ولبنانياً. وهذه سابقة في مجتمع مبني على الثأر. واللافت ان العفو جاء في أوّج عطاء فرنجية ومتانة موقعه وحضوره السياسي، فلم يستغل هذا الأمر لتصفية حسابات بل كان حافزاً "للعفو عند المقدرة".
وفي الحقائب الوزارية المختلفة حقق انجازات عدة قد يكون ابرزها ما حققه في وزارة الصحة العامة التي أثبت فيها فرنجية حسّه المؤسساتي وأحدث فيها نهضة فعلية ، كما سخّرها لخدمة المواطن بغضّ النظر عن منطقته او طائفته او إنتمائه ما أكد وطنيته وإنسانيته من غير ادّعاء، وفي 1996 حين تسلم حقيبة الصحة للمرة الأولى اطلق شعار "الدواء ليس شرطاً للولاء" ونفذه قولاً وعملاً. وفي الداخلية ولو لم تعاكسه ظروف البلد لتمكّن فرنجية من تحديث فعلي للوزارة تقنياً وعملياً.
وسليمان فرنجية الإنسان، النائب، الوزير أو الزعيم هو نفسه في كل حين، ويتميز بلغة خاصة، طريقته عفوية ويستخدم مصطلحات ومفردات من لغة الناس. خطابه واحد في المجالس الخاصة وفي المجالس العامة. صراحته، عفويته ووضوحه صفات تميّزه عن سائر اهل السياسة فهو لا يجهد في انتقاء كلماته أو عباراته، ولا يحتاج بالتالي كلامه الى فكّ رموز بالرغم من ان ما يعلنه ببساطة ووضوح يعبّر عن عمق معرفة وحكمة وتحديد للأمور واستشراف للآتي من منطلق الظرف. وما يميزه ايضاً انه لم يتعامل يوماً مع حليف او صديق أو خصم الا من الندّ للندّ ما عكّر علاقاته أحياناً مع السياسيين والروحيين . وما أكسبه مصداقية واحتراماً وموقعاً ثابتاً.
وبالعودة الى التسلسل الزمني للإنتخابات النيابية فإن سليمان فرنجية عُيّن نائباً للمرة الأولى سنة 1991 وكان اصغر النواب سناً، وفي الدورات التالية في سنوات 1992، 1996 و2000 حلّ اولاً في قضاء زغرتا – الزاوية بمعزل عن تبديل القوانين بين محافظة ودائرة وسطى.
وفي انتخابات سنة 2005 خسارته للمقعد النيابي شكّلت ربحاً فعلياً له في وجه "قانون انتخابي سيء" فحصد 21 ألف صوت في القضاء وحلّ أولاً في قضاء البترون والكورة... وهذه سابقة في تاريخ الزعامات الزغرتاوية كرّسته قائداً بامتياز اختاره شعبه ضارباً بعرض الحائط كل الضغوط والمغريات، وتبين ان زعامته على امتداد الوطن.
وسليمان فرنجية القائد والوزج والوالد هو المتعدد في هواياته ما عزّز صورة السياسي المتكامل لدى الشباب بصورة خاصة. وأبرز هواياته الصيد وهي موروثة، وهو صياد خبير ويُحسب له حساب، ورحلات الصيد تتنوّع وتتوزع بين سوريا، فرنسا، هنغاريا، النمسا، قرغيزستان، تركيا، رومانيا وتشيكيا....
علاقته بالبيئة علاقة ابن الأرض بالأرض، فهو لا يرضى للمحيط الأخضر لبيئته بديلاً، ولا يرضى بديلاً لهدوء الضيعة مسكناً، بيئي بامتياز هو الذي شجّر بين زغرتا وإهدن أكثر من 600 ألف شجرة، إضافة لإنجازه بحيرة بنشعي التي يؤكد الخبراء على انها نموذج يحتذى به كمورد مائي ، إضافة الى تحوله معلم سياحي لمنطقة تخلو ساحلاً من المعالم السياحية. الى اهتمامه وعنايته ومتابعته لمحمية حرج إهدن الأغنى والأهم والأكثر تنوّعاً.
شتاءً يمارس التزلج وعينه على مشروع تزلّج في المنطقة يُدرس بيئياً وحضارياً من أهم الشركات في العالم، وعلاقته بالجبل لا تثنيه عن علاقته بالبحر، الذي يختاره مرات عدة وسيلة للسفر أي الإبحار كما يمارس هواية الغطس.
وفوق الجبل والبحر يحلّق بالطائرة ويتقن قيادتها وهذا التحليق فتح له شهية رؤية الوطن من فوق فصوّره بقعة بقعة، منطقة منطقة، فصلاً فصلاً وهواية التصوير عنده قطعت أشواطاً كبيرة، مصوّر فوتوغرافي بامتياز وبات يملك "استوديو" متطوّراً في منزله.
سليمان فرنجية المتعدد لمس أن المرحلة الحالية بحاجة الى تنظيم، فسارع الى تأطير المردة وأطلق "تيار المردة"، وما سهّل الأمر ان الآخرين يطلقون تياراً ربما أو حزباً أو حركة فينضم المناصرون، فيما لدى فرنجية عشرات الآلاف الذي ينتظرون الإطار الرسمي فقط. ولتيار المردة اللون الأخضر لما يرمز اليه بيئياً ولوناً للحياة والعطاء، والى جانب العلم الكلاسيكي، أطلق الرمز بوصلة تحدد دائماً الوجهة الصحيحية والـπ الثابتة الواحدة في علم الرياضيات.
هذا هو سليمان فرنجية، واضح، صريح، ثابت في مواقفه، راسخ في قناعاته متجذر في أرضه مؤمن بوطن حرّ موحّد لجميع أبنائه تراعى فيه الطوائف طالما النظام طائفي ولو أن الحلم أن نصل الى الدولة المدنية.