رفض الرئيس السوري بشار الأسد "الاتهامات" القائلة بأن هناك عائلة علوية تحكم سوريا، موضحا أن ما يحكم بلاده "هو الحالة الوطنية"، وقال لو أن سوريا ستحكم بـ"المنطق الطائفي أو العرقي لما وجدت سوريا كما هي الآن".
ووصف الأسد أمس الاتهامات التي وجهتها لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال رئيس مجلس الوزراء السابق رفيق الحريري إلى دمشق بأنها "سياسية بامتياز" و"لا علاقة لها بالعمل الإجرامي الذي يحصل في لبنان"، معتبراً أن "كل ما يقال هو عبارة إما عن شائعات وإما قصص مفبركة لإدانة سوريا".
وكشف الأسد في حوار أجرته معه شبكة "سكاي نيوز" التركية للتلفزيون أن وزير الخارجية التركي عبد الله غول تقدم، خلال زيارته قبل أسابيع لدمشق، باقتراح أن يجري استجواب المسؤولين السوريين، الذين حقق معهم في ما بعد في فيينا، في موقع في غازي عنتاب في تركيا، مشيرا إلى أن سوريا قبلت بهذا الاقتراح لكن لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري رفضته.
وأضاف أن لسوريا "ملاحظات" على التقريرين الأول والثاني للرئيس السابق للجنة القاضي الألماني ديتليف ميليس، لكن "الأخطر هو أن يبنى قرار مجلس الأمن على تقريرين كلاهما غير منته"، وفضل إعطاء رأيه الأخير بعد صدور التقرير النهائي.
وعما تردد عن اجتماعه مع صهره رئيس شعبة المخابرات العسكرية اللواء آصف شوكت وشقيقه قائد الحرس الجمهوري العقيد ماهر الأسد في جلسة خاصة ومناقشتهم اغتيال الحريري، فأجاب: "كل هذه النظريات إعلامية. كيف عرفوا بأسرار هذه اللقاءات بين شخصين أو ثلاثة؟ الآن على سبيل المثال يطرحون لوائح اغتيال. نقول من أين أتت هذه اللوائح. هناك أشياء أحياناً، لنقل انها مسلية أو مضحكة، لكن لا يمكن أن نعتمد عليها. أيضاً جزء من هذا الكلام هو في إطار الضغط السياسي على سوريا".
وذكر الرئيس السوري بأن "رفيق الحريري كان صديقاً لسوريا... وهم يتهمون سوريا بأنها هددته في موضوع التجديد للرئيس اللبناني إميل لحود. ولكن هو استجاب لهذا الطلب السوري. هذا يعني أن لا موقف لرفيق الحريري ضد سوريا لكي نقول انه اختلف معها.. كل ما يقال هو عبارة إما عن شائعات وإما قصص مفبركة ومحضرة بشكل مسبق لإدانة سوريا".
وفيما يتعلق بمسلسل الاغتيالات في لبنان، وكان آخرها اغتيال النائب والصحافي جبران تويني، رفض الأسد توجيه أصابع الاتهام الى سوريا، "إن القضية سياسية بشكل واضح لا علاقة لها بالعمل الإجرامي الذي يحصل في لبنان".
وقال إن "التحقيق لا علاقة له بالجرائم الأخرى... ربما الآن يتوسع في هذا الاتجاه"، غير "اننا مطمئنون تماماً الآن الى براءة سوريا... اذا كان تقريراً موضوعياً وبعيداً عن الضغوط السياسية... نحن نرفض هذه الاتهامات وندين هذه الجرائم".
وتساءل: "هل لسوريا مصلحة في أية عملية اغتيال من التي حصلت؟ إنهم يتهمون سوريا على أساس وحيد، إن هذا الشخص كان متفقاً مع سوريا أو هو ضد سوريا... القضية سياسية بامتياز".
كما أكد الأسد ما ذكره سابقا من أنه "إذا كان هناك شخص سوري متورط في أي عملية إجرامية من هذه العمليات سوف يحاكم، هذا يعتبر خيانة في القانون السوري"، شرط أن يبنى الاتهام على "أدلة واضحة".
ورأى أن "هناك المزيد من التفهم لموقف سوريا خلال الأشهر الأخيرة على مستوى العالم وخصوصا هذا الشهر تحديداً بعد صدور التقريرين الأول والثاني" عن لجنة التحقيق، لأنه "لا يمكن الألاعيب السياسية عندما تكون مبنية على أشياء خاطئة وهمية أن تستمر".
وفي الشأن العراقي نفى الأسد ما قيل من أن واشنطن وقعت اتفاقاً مع دمشق لملاحقة المتسللين داخل سوريا بعمق20 كيلومترا. وأوضح أن "هذا الموضوع طرح علينا في أيلول 2004 من خلال وفد أمريكي... ونحن قلنا إنه لا يوجد لدينا مانع أن يكون هناك اتفاق سوري عراقي وأمريكي لمراقبة الحدود.. لكنهم ذهبوا ولم يعودوا... فغير صحيح أنه تم التوقيع" لاتفاق كهذا. وأكد أنه "من دون تعاون لا يمكن أن يحصل هذا الشيء".
وسئل عن رأيه في مستقبل العراق بعد الانتخابات، فأجاب أن "جوهر الموضوع هو وحدة العراق... نحن وبقية الدول وربما دول بعيدة يعتمد مستقبلها واستقرارها على مستقبل العراق".
وأضاف أن "الدستور العراقي الجديد يجب أن يحظى بإجماع جميع أو معظم العراقيين لكي يؤدي إلى وحدة العراق... هذا الشيء مقلق".
وحذر من أن "أي فيديرالية مبنية على أساس طائفي أو عرقي في العراق "ستؤدي إلى تقسيم العراق أو إلى التهيئة أو إشعال فتنة بين العراقيين... الفيديرالية على أساس عرقي وطائفي خطيرة وتؤثر على العراق وعلى دول الجوار مباشرة... وفي هذه الحال تصبح قضية تعنينا ولا تعني فقط العراقيين".
وعن السلام مع إسرائيل والوساطة التركية بين سوريا وإسرائيل، قال: "لا نرى الآن اهتماماً من الحكومة الإسرائيلية ولا ميلاً شعبياً إسرائيلياً الى عملية السلام"، غير أن موقف سوريا لا يزال التمسك بالسلام على أساس قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن. ولاحظ أن الولايات المتحدة "لم تبدِ أي رغبة حقيقية في السلام وخصوصا على المسار السوري"، مرحباً بأي دور تضطلع به أنقرة في هذا المجال